إن الغضب ... مَفسَدة!!

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الأطهار وصحبه الأبرار


كم من مشكلة بسيطة ..صغيرة .. تافهة .. تفاقمت وكبرت وقُطِّعَت بها الأرحام, وفَرقَت بين الأزواج, وباعَدت بين الأصحاب, وسالت بسببها الدماء ..... والسبب الأول والأهم كان الغضب ....

حين يغضب الإنسان يفقد السيطرة على عقله فأي تصرف ينتج عن الغضب يكون متهور .. وأي كلام يُقال مهما بلغ من الروعة والدقة والصدق يفقد تأثيره وغالبا ما يؤدي إلى الندم .. حتى وإن سامحك من غضبت بحقه فهو لن ينسى بسهولة الكلام الذي قيل أو التصرف الناتج.

قال الإمام علي (عليه السلام) : شدّة الغضب تغيّر المنطق ، وتقطع مادّة الحجّة ، وتفرّق الفهم.

وبالنظر إلى الأوضاع العائلية والإجتماعية وأيضا السياسة في وقتنا الحاضر .. نجد أن معظم مشاكلها ناتجة عن هذا الغضب .. والتحامل على الغير بسبب التعصب للطائفة والقبيلة والأصل والفصل والتكبر على الناس لنفس الأسباب السابقة بالإضافة إلى الغنى والحالة الإقتصادية وغيرها ... حتى مشاكل القيادة الشنيعة والحوادث هالأيام من أسبابها الغضب !!

قال الإمام الصادق (عليه السلام) : قال الحواريون لعيسى بن مريم (عليه السلام) :
يا معلّم الخير أعلمنا أيّ الأشياء أشدّ ؟!..
فقال : أشدّ الأشياء غضب الله عزّ وجلّ ، قالوا : فبِمَ يُتقى غضب الله ، قال : بأن لا تغضبوا ، قالوا : وما بدء الغضب ؟..قال : الكبر والتجبر ومحقرة الناس .
المصدر: الخصال 1/7

كيف نصلح مشاكلنا؟
بإصلاح ذاتنا وأنفسنا وذلك بالنظر بعمق إلى أسباب المشاكل وإلى عيوبنا ونبذ التكبر والإستعلاء على الناس وخاصية الأنا ورأيي أنا فقط صحيح ...ومن بعدها القيام بمحاولة جادة للعمل على التغيير .. وكون الغضب حالة يمر بها الجميع ولها التأثير الأكبر على جميع مجريات حياتنا فلم لا نأخذ وقفة مع الغضب وآثاره ونلقي عليه قليلًا من الضوء!!!

بدايةً يجب علينا أن نحاول أن نجد مواطن الضعف لدينا والأسباب التي تجعلنا نغضب .. إن علمنا ما هي سهل علينا توقع الغضب والتحكم به قبل أن يتحكم بنا ..
ومن بعدها نتذكر شعورنا وشعور من نحب بعد أن تمر حالة الغضب ... من ندم وحزن ومن ثم صعوبة محاولة إصلاح ما أفسدناه ..
إذا كنا لا نستطيع التحكم بأنفسنا حين نغضب لنتعلم أن نصمت .. نترك المكان .. نغسل وجوهنا بالماء والأفضل منه الوضوء ..
لا تتكلم وأنت غاضب .. لا تتسرع في التصرف .. الأفضل أن تبتعد وتهدأ وتفكر.. هل الأمر يستحق الغضب فعلاً؟ إذا كان الغضب بسبب فعل من طرف مقابل هل هو خطأ كان بإمكانك أنت القيام به؟ لو كنت أنت المخطئ كيف تريد أن تُعامل؟

إن نبذ الغضب أو التحكم به من حسن الخلق ويحافظ على نقاء القلب وبالتالي على قدرة هذا القلب لتلقي وإستيعاب نور الإيمان ...

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : الغضب يُفسد الإيمان كما يُفسد الخلّ العسل.
المصدر: الكافي
2/302
وقال الإمام الباقر (عليه السلام) : إنّ أكمل المؤمنين إيمانا ، أحسنهم خلقا.
المصدر: الكافي 2/99

بالخلق الحسن وبالهدوء والتفاهم نستطيع تحقيق المعجزات وكسب الأصدقاء والأعداء على حد السواء .. ونقوم بخلق ألفة ومحبة تدوم بين بعضنا البعض ... وبانتشار ثقافة التسامح والتسلح بالأخلاق الحسنة يصبح المجتمع متماسك وآمن على الرغم من الإختلاف ..والأهم من ذلك أننا نقوم بعمل ما أمرنا به الله عز وجل الحكيم العليم ونصحنا به :

قال تعالى‏:‏ ‏( ‏‏‏ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم، وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ‏‏‏)‏‏ فصلت : 34-36‏‏‏

وقال تعالى‏:‏ ‏( ‏‏‏ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون، وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون‏ )‏‏المؤمنون‏:‏ 96 - 98


بما إننا على مشارف الإنتخابات القادمة يجب أن لا ندع مشاعر الغضب والعصبية تسيطر علينا وعلينا أن نتذكر إننا ننتخب للكويت وبس .. لمصلحة الكويت وتقدم الكويت وإصلاح الكويت وبقاء الكويت مرفوعة الراس دوما وأبدا ... لأنها بالنهاية حاضرنا ومستقبلنا ومستقبل عيالنا ....

يعني إذا انتخبنا بعصبية وتعصب لأي سبب كان... من المستفيد؟ الكويت أم أهلها الطيبين .... الجواب لا أحد !!
مسألة أنا وأخوي على ولد عمي, وأنا وولد عمي على الغريب هذي ما تمشي بالإنتخابات !!! الصح صح والغلط غلط وكل واحد فينا لازم يقتص الحق من نفسه !
لا نختار بسبب .. عمي .. خالي .. رفيجي .. مصلحتي... أحرجني .. وخاصة مو عشان رد جميل حق واحد ساعدنا ولا أفادنا يوماً ...الأبدى إننا ترد الجميل للكويت اللي جمايلها مغطيتنا كلنا من الأول للتالي!!

علينا أن لا نسمع كلام المؤججين للفتن
ولا نسمع كلام المنافقين ولا الطبالين
شلون نعرفهم ؟
هم كل من يعمل على استغلال إختلافاتنا واستفزاز مشاعرنا وتأجيج غضبنا لأجل مآربهم الخاصة والبعيدة كل البعد عن المصلحة العامة ومصلحة البلد..
الإختلاف واقع وموجود منذ الأزل .. وواقع جيد ونحتاجه .. وليس هناك داع للغضب والتعصب بسبب الإختلاف !!! لنتعلم أن نتقبل الطرف المقابل باختلافه وإذا ما قدرنا نتقبله علينا أن لا نغضب لأنه مختلف ..... وإذا كلش كلش عصبنا خل نتحكم بأعصابنا حفاظا على المصلحة الأكبر والأشمل .....الكويت ..

أضع لكم قصة فيها عبرة وعظة كبيرة تنفعنا العمر كله عامة وفي هذا الأيام خاصةً
وهي حادثة حصلت لرجل في زمن خير البرية وأشرف الخلق سيدنا محمد صلاة الله وسلامه عليه وعلى آله :

قال رجلٌ للنبي (ص) : يا رسول الله !.. علّمني ، قال : اذهب ولا تغضب ، فقال الرجل : قد اكتفيت بذلك ، فمضى إلى أهله فإذا بين قومه حربٌ قد قاموا صفوفاً ولبسوا السلاح ، فلما رأى ذلك لبس سلاحه ثم قام معهم ، ثم ذكر قول رسول الله (ص) : لا تغضب ، فرمى السلاح ثم جاء يمشي إلى القوم الذين هم عدو قومه فقال : يا هؤلاء !.. ما كانت لكم من جراحة أو قتل أو ضرب ليس فيه أثر ، فعليّ في مالي أنا أُوفيكموه ، فقال القوم : فما كان .. فهو لكم ، نحن أولى بذلك منكم ، فاصطلح القوم وذهب الغضب .
المصدر: أصول الكافي 2/304

الموضوع طويل ومتشعب ويحتاج وقفات عديدة ولكنني أطلت عليكم بما فيه الكفاية ..

نصيحة : لا تدزون مسجات وأنتوا معصبين !!! ترى تنقلب عليكم السالفة وتصير من فمك أدينك !!!!!!!!

طبعا الطرف المقابل عليه مسئولية أيضا وهو أن لا يزيد النار حطب !!!! يعني إذا كان من أمامي غاضباً .. وين الشطارة في إني أستفزه وأتحرش فيه وأزيد من غضبه ؟؟

خل أعلمكم على سر من أسرار المهنة العديدة :))
إذا عصب يانغ وهو شيء نادر" إلهي لك الحمد والشكر كثيرا "... تعلمت من قصة للإمام الصادق (عليه السلام) بأن أقول له :

وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ .. يهدأ شوي :)
وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ .. يتبوسم شوي :)
وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ .. هني يضحك ويقول لي روحي بيت أهلج :) يعني أحسَنَ إليْ !! لوول
المهم ترى الطريقة هذي صج تنفع بس خشوها حق شي قوي P:
تحذير : - رجاءًا ثم رجاءاً ... استعملوها مع شخص خفيف طينة وعنده روح فكاهة .. مو تستعملونها مع واحد أقشر ولا يايكم راشدي مطشر مخوخكم وبعدين تشتكون علي !! فقد أعذر من أنذر:))

رحم الله من تعلم شيئا واستفاد أو افاد غيره بما يصلح دينه ودنياه في ما يرضي الله خاصة في يوم الجمعة

اللهم بحق هذ اليوم شافي والدة زوز والهمها الصبر على البلاء وارجعها سالمة غانمة إلى أحبابها وبلدها وشافي وعافي خال منال ومرضانا ومرضى المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات بقدرتك وعظمتك يا الله ...

عساها جمعة مباركة عليكم وعلينا وعلى الكويت بكبرها ..
حفظكم الله ورعاكم وقضى حوائجكم وحوائجنا بحق السميع العليم